كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ إلَخْ) فَلْيَحْتَرِزْ الطَّائِفُ الْمُسْتَقْبِلُ لِلْبَيْتِ لِنَحْوِ دُعَاءٍ كَزَحْمَةٍ عَنْ أَنْ يَمُرَّ مِنْهُ أَدْنَى جَزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ وَنَّائِيٌّ وَنِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ جَعَلَهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ اسْتَقْبَلَهُ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ وَطَافَ مُعْتَرِضًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ الْبَابِ) أَيْ كَأَنْ مَشَى الْقَهْقَرَى وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةُ الطَّوَافِ يَمِينٌ أَوْ يَسَارٌ الْجَوَابُ يَسْرِي إلَى ذِهْنِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ اشْتِرَاطِنَا جَعْلَ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِ الطَّائِفِ أَنَّ الطَّوَافَ يَسَارٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ يَمِينٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الطَّائِفَ عَنْ يَمِينِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ عَنْ يَسَارِ شَيْءٍ فَذَلِكَ الشَّيْءُ عَنْ يَمِينِهِ، الثَّانِي: أَنَّ مَنْ اسْتَقْبَلَ شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ الْمَشْيَ عَنْ جِهَةِ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَنْ يَسَارِهِ قَطْعًا وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ ثُمَّ مَشَى عَنْ يَمِينِهِ» انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فِي أَصْلِ الْوَارِدِ)، وَهُوَ جَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ الْيَسَارِ مَارًّا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ) إلَى الْمَتْنِ اعْتَمَدَهُ ابْنُ عَلَّانَ وَقَالَ ع ش نَقَلَهُ عَنْ الشَّارِحِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الطِّفْلِ الْمَحْمُولِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْبَحْثِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمَأْخُوذِ.
(مُبْتَدِئًا بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) أَيْ رُكْنِهِ، وَإِنْ قُلِعَ مِنْهُ وَحُوِّلَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ مِنْهُ (مُحَاذِيًا) بِالْمُعْجَمَةِ (لَهُ) أَوْ لِبَعْضِهِ وَاسْتِبْعَادُ تَصَوُّرِهِ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَدَنِ عَرْضُ مُقَدَّمِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ الشِّقُّ الْأَيْسَرُ (فِي مُرُورِهِ) عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) أَيْ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ إلَيْهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْحَجَرِ أَوْ مَحَلِّهِ مَا يُسَامِتُهُ وَيَمْشِي أَمَامَ وَجْهِهِ وَتَجِبُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ حَيْثُ وَجَبَتْ أَوْ أَرَادَ فَضْلَهَا لِمَا تَجِبُ مُحَاذَاتُهُ مِنْهُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ بِجَانِبِهِ مِنْ جِهَةِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ مَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِهِ ثُمَّ يَمُرُّ مُتَوَجِّهًا لَهُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ فَيَنْفَتِلُ جَاعِلًا يَسَارَهُ مُحَاذِيًا جُزْءًا مِنْ الْحَجَرِ بِشَقِّهِ الْأَيْسَرِ، وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ خِلَافَ ذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَبَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا هَذَا فِي الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَهُ إلَّا مَعَ الْخُلُوِّ لِئَلَّا يَضُرَّ غَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ:
يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّقِّ الْأَيْسَرِ أَعْلَاهُ الْمُحَاذِي لِلصَّدْرِ، وَهُوَ الْمَنْكِبُ فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهُ بِهَذَا أَوْ حَاذَاهُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ لَمْ يَكْفِ، وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ ابْتِدَاءً بِبَعْضِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَبَعْضُهُ مُجَاوِرٌ لِجَانِبِ الْبَابِ لَمْ يَصِحَّ قَبْلَ عَدْوٍ لَهُ عَمَّا بِأَصْلِهِ لِلْحَالِيَّةِ يُوهِمُ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَرْطَيْنِ، وَأَنَّهُمَا قَيْدَانِ فِي اشْتِرَاطِ جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ الْيَسَارِ فَلَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الِابْتِدَاءِ. اهـ.
وَإِنَّمَا يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ إنْ جُعِلَ حَالًا مِنْ فَاعِلِ يَجْعَلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ سَتَرَ وَمَا بَعْدَهُ الْمُبَيَّنُ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَحْدَثَ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي جَمِيعِهِ وَمَرَّ فِي مَسْحِ الْكَفِّ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحَالِ لِكَوْنِهَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ يُفِيدُ الشَّرْطِيَّةَ (فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ) كَالْبَابِ (لَمْ يُحْسَبْ) مَا فَعَلَهُ لِإِخْلَالِهِ بِالتَّرْتِيبِ حَتَّى يَنْتَهِيَ لِلْحَجَرِ (فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ)، وَهُوَ مُسْتَحْضِرٌ لِلنِّيَّةِ حَيْثُ وَجَبَتْ (ابْتِدَاءً مِنْهُ) وَحَسِبَ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَدَّمَ مُتَوَضِّئٌ غَيْرَ الْوَجْهِ عَلَيْهِ حُسِبَ لَهُ مَا تَأَخَّرَ عَنْهُ دُونَ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ)، وَهُوَ عَرْضُ جِدَارِ الْبَيْتِ نَقَصَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ عَرْضِ الْأَسَاسِ لَمَّا وَصَلَ أَرْضَ الْمَطَافِ لِمَصْلَحَةِ الْبِنَاءِ ثُمَّ سُنِّمَ بِالرُّخَامِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعَامَّةِ كَانَ يَطُوفُ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ صَنَّفَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ التَّسْلِيمِ لِطَوَافِ الْعَامَّةِ، وَهُوَ مِنْ الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ وَكَذَا مِنْ جِهَةِ الْبَابِ كَسَرَ فِي الْحَاشِيَةِ فَفِي مُوَازَاتِهِ الْآتِيَةِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ وَاسْتِثْنَاءُ مَا عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوَاعِدِ يُرَدُّ بِأَنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ النَّقْصَ مِنْ عَرْضِهِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الْبِنَاءِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالشَّاذَرْوَانِ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّهَا حَتَّى عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَعِنْدَ الْيَمَانِيِّ (أَوْ مَسُّ الْجِدَارِ) الْمَوْصُوفِ بِكَوْنِهِ (فِي مُوَازَاتِهِ) أَيْ الشَّاذَرْوَانِ أَيْ مُسَامَتَتُهُ لَهُ أَوْ دَخَلَ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ وَكَذَا مَلْبُوسُهُ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ لِي فِيهِ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ، وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الْجِدَارَ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ دُخُولُ مَلْبُوسِهِ فِي هَوَائِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَقِيَاسُ إلْحَاقِهِمْ الطَّوَافَ بِالصَّلَاةِ فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهَا، وَمِنْهَا أَنَّ الْمَلْبُوسَ كَالْبَدَنِ يَرُدُّ ذَلِكَ الْجَزْمَ (أَوْ دَخَلَ مِنْ إحْدَى فَتْحَتَيْ الْحِجْرِ)، وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ عَلَيْهِ جِدَارٌ قَصِيرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ كَانَ زَرِيبَةً لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ أَنَّهُ دُفِنَ فِيهِ وَيُسَمَّى حَطِيمًا لَكِنَّ الْأَشْهَرَ أَنَّ الْحَطِيمَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَمَقَامِ إبْرَاهِيمَ، وَهُوَ كَمَا يَأْتِي فِي اللِّعَانِ أَفْضَلُ مَحَلٍّ بِالْمَسْجِدِ بَعْدَ الْكَعْبَةِ وحِجْرِهَا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَخَرَجَ مِنْ لِأُخْرَى) أَوْ وَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى طَرَفِ جِدَارِ الْحَجِّ الْقَصِيرِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ (لَمْ تَصِحَّ طَوْفَتُهُ) أَيْ بَعْضُهَا الَّذِي قَارَنَهُ ذَلِكَ الْمَسُّ أَوْ الدُّخُولُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَائِفٌ فِي الْبَيْتِ لَا بِهِ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ هَوَاءَ الشَّاذَرْوَانِ مِنْ الْبَيْتِ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَعْرِيفِهِ، وَأَمَّا فِي الْحِجْرِ فَهُوَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ الْبَيْتِ إلَّا سِتَّةُ أَذْرُعٍ أَوْ سَبْعَةٌ لَكِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْحَجِّ التَّعَبُّدُ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ يَطُوفُوا إلَّا خَارِجَهُ فَوَجَبَ اتِّبَاعُهُمْ فِيهِ وَجُعِلَ فِي مُوَازَاتِهِ حَالًا مِنْ فَاعِلِ مَسَّ الَّذِي سَلَكَهُ شَارِحٌ يَسْتَلْزِمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَهُ مَفْهُومَ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي جِهَةِ الْبَابِ أَنَّ مَسَّهُ لِجِدَارٍ لَا شَاذَرْوَانَ تَحْتَهُ يَضُرُّ إذَا كَانَ مُسَامِتًا لِجِدَارٍ تَحْتَهُ شَاذَرْوَانُ، وَلَوْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَنْبَغِي لِمُقَبِّلِ الْحَجَرِ أَنْ يُقِرَّ قَدَمَيْهِ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ حَالَ التَّقْبِيلِ فِي هَوَاءِ الْبَيْتِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إنْ ثَمَّ شَاذَرْوَانُ فَمَتَى زَالَتْ قَدَمُهُ عَنْ مَحَلِّهَا قَبْلَ اعْتِدَالِهِ كَانَ قَدْ قَطَعَ جُزْءًا مِنْ الْبَيْتِ، وَهُوَ فِي هَوَائِهِ فَلَا يُحْسَبُ لَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي مُسْتَلِمِ الْيَمَانِيِّ (وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَسِّ) لِلْجِدَارِ الَّذِي عِنْدَهُ شَاذَرْوَانُ.
(وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْبَيْتِ بِمُعْظَمِ بَدَنِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى الِاتِّبَاعِ كَمَا تَقَرَّرَ.
تَنْبِيهٌ:
الظَّاهِرُ فِي وَضْعِ الْحِجْرِ الْمَوْجُودِ الْآنَ أَنَّهُ عَلَى الْوَضْعِ الْقَدِيمِ فَتَجِبُ مُرَاعَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِيهِ نَعَمْ فِي كُلٍّ مِنْ فَتْحَتَيْهِ فَجْوَةٌ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِالْحَدِيدِ خَارِجَةٍ عَنْ سَمْتِ رُكْنِ الْبَيْتِ بِشَاذَرْوَانِهِ وَدَاخِلِهِ فِي سَمْتِ حَائِطِ الْحِجْرِ فَهَلْ تَغْلِبُ الْأُولَى فَيَجُوزُ الطَّوَافُ فِيهَا أَوْ الثَّانِيَةُ فَلَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالِاحْتِيَاطُ الثَّانِي وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الرَّفْرَفِ الَّذِي بِحَائِطِ الْحِجْرِ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ لَا ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ جَمَاعَةَ حَرَّرَ عَرْضَ جِدَارِ الْحِجْرِ بِمَا لَا يُطَابِقُ الْخَارِجَ الْآنَ إلَّا بِدُخُولِ ذَلِكَ الرَّفْرَفِ فَلَا يَصِحُّ طَوَافُ مَنْ جَعَلَ إصْبَعَهُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ مَسَّ جِدَارَ الْحِجْرِ الَّذِي تَحْتَ ذَلِكَ الرَّفْرَفِ وَقَدْ أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وُجُوبَ الْخُرُوجِ عَنْ جِدَارِ الْحِجْرِ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَرَأَيْت تَخَالُفَ ابْنِ جَمَاعَةَ وَالْأَزْرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِي أُمُورٍ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِالْحِجْرِ لَا حَاجَةَ بِنَا الْآنَ إلَى تَحْرِيرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِصِحَّةِ الطَّوَافِ بَعْدَ تَمْهِيدِ وُجُوبِ الْخُرُوجِ عَنْ كُلِّ الْحِجْرِ وَحَائِطِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَيَنْفَتِلُ جَاعِلًا إلَخْ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ حَقِيقَةَ الطَّوَافِ إنَّمَا تُوجَدُ عِنْدَ هَذَا الِانْفِتَالِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ طَرَفِ الْحِجْرِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ حَاذَاهُ بِيَسَارِهِ ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا هَذَا وَبِمَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ الطَّوَافَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ مِنْ حِينِ الِانْفِتَالِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ صُورِيٌّ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ مُنَابِذٌ لِعِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي فَلْيُحْذَرْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إذَا جَاوَزَهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ لَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورَ كَمَا لَا يَخْفَى صَرِيحٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا بَسَطَ ذَلِكَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِمَا يُصَرِّحُ بِصَرَاحَةِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ فِيمَا ذُكِرَ كَقَوْلِ مَنْ ذُكِرَ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ اسْتِقْبَالِهِ يَقْطَعُ جُزْءًا مِنْ الْبَيْتِ، وَهُوَ عَنْ يَسَارِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْحِجْرِ لَا عِنْدَ مُحَاذَاتِهِ فَلَا إشْكَالَ وَكَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ السَّابِقُ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِأَجْلِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْبَيْتِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا فِي هَذَا الْحَالِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ وَكَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِأَجْلِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ تَعْلَمُ بِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِأَنَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ وَكَلَامُهُمَا مُصَرِّحٌ بِجَوَازِ قَطْعِ جَمِيعِ الْحِجْرِ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مُحَاذَاةُ شَيْءٍ مِنْهُ بِيَسَارِهِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يُحَاذِيَ بِهِ أَوَّلَ مَا يَلِيهِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يَسُوغُ التَّعْبِيرُ بِالْإِيهَامِ وَالْجَزْمِ بِخِلَافِهِ فَالصَّوَابُ اعْتِمَادُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ النَّوَوِيِّ كَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَصِفَةُ الْمُحَاذَاةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ وَيَقِفَ بِجَانِبِ الْحِجْرِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحِجْرِ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ طَرَفِهِ ثُمَّ يَنْوِيَ الطَّوَافَ ثُمَّ يَمْشِيَ مُسْتَقْبِلَ الْحِجْرِ مَارًّا إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ وَتَرَكَ اسْتِقْبَالَ الْحِجْرِ جَازَ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُرُورِهِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إلَخْ. اهـ.
فَقَوْلُهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْفِتَالَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عِنْدَ الِانْفِتَالِ أَنْ يُحَاذِيَ يَسَارُهُ جُزْءًا مِنْ الْحِجْرِ بَلْ يَكْفِي مُحَاذَاتُهُ حِينَئِذٍ لِأَوَّلِ مَا يُجَاوِزُ الْحِجْرَ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ وَقَدْ فَهِمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ حَيْثُ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ فِيهِ تَخَلُّفَ جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ فِي بَعْضِ الطَّوَافِ. اهـ.
وَهَذَا لِقَوْلِهِ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَمَّا جَوَابُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ نَظَرِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الطَّوَافِ إنَّمَا تُوجَدَ عِنْدَ الِانْحِرَافِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ طَرَفِ الْحِجْرِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ حَاذَاهُ بِيَسَارِهِ قَالَ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ مِنْ التَّخَلُّفِ. اهـ.
فَهُوَ لَا يُوَافِقُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْمَنَاسِكِ الْمُصَرِّحِ كَمَا لَا يَخْفَى بِأَنَّ مَا قَبْلَ الِانْحِرَافِ مَحْسُوبٌ مِنْ الطَّوَافِ وَالظَّاهِرُ جِدًّا فِي أَنَّ الِانْفِتَالَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْحِجْرِ نَعَمْ قَدْ يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ إلَخْ إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الِانْفِتَالَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ الْيَسَارُ مُحَاذِيًا لِشَيْءٍ مِنْ الْحِجْرِ لَمْ يَصِحَّ هَذَا إذْ لَا يَصِحُّ ابْتِدَاؤُهُ أَوْ لَا يُجْعَلُ الْمُجَاوِزُ الْحِجْرِ فَقَطْ عَنْ يَسَارِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا إلَخْ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ أَيْ بِشَرْطِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ وَاقْتَصَرَ عَلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ بِشَرْطِهِ فَلَيْسَتْ الْإِشَارَةُ إلَى جَمِيعِ مَا فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ انْفَتَلَ إلَخْ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِأَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ تَعْبِيرُ ابْنِ النَّقِيبِ عَنْهُ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا وَتَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ جَازَ. اهـ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَخْفَى عَلَى مُنْصِفٍ مُتَأَمِّلٍ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا إنْ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي أَنَّ الِانْفِتَالَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَأَنَّ عِبَارَةَ الْمَنَاسِكِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ مَا قِيلَ الِانْفِتَالُ مَحْسُوبٌ مِنْ الطَّوَافِ عَلَى وَفْقِ مَا فَهِمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُ وَأَنَّ قَوْلَ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ فَعَلَ هَذَا إلَخْ لَا يَدُلُّ دَلَالَةً مُعْتَدًّا بِهَا عَلَى مَا يُعَارِضُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ وَقُرْبِ حَمْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَيْك مُخَالَفَةُ مَا فِي هَذَا الشَّارِحَ لِمَا تَقَرَّرَ عَنْ شَرْحِ عب مِنْ أَنَّ أَوَّلَ الطَّوَافَ إنَّمَا هُوَ الِانْحِرَافُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ هُنَا وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِمَا قَبْلَ الِانْحِرَافِ أَيْضًا.